السير مات بازبي

السير مات بازبي

ولد ماثيو بازبي، الذي يعد واحدًا من أعظم المدربين الذين عرفتهم الكرة الإنجليزية، في أوربيستون، إحدى قرى لاناركشاير باسكتلندا في 26 مايو 1909. وقد لعب مع ناديين إنجليزيين، حيث وقع يونايتد في 11 فبراير 1928، ليكون أول ظهور له في المباراة التي لعبها اليونايتد ضد ميدلزبره. ثم انتقل بعد ذلك إلى نادي ليفربول في مارس 1936 مقابل 8 آلاف جنيه استرليني.

كان بازبي أول مدير فني يتولي تدريب فريق يونايتد بعد الحرب العالمية الثانية، بعد أن رفض وظيفة مساعد المدرب في ليفربول. وقبل الوظيفة في 19 فبراير 1945، ثم استلم عمله بدوام كامل بعد تسريحه من القوات المسلحة في أكتوبر 1945. وقد ظلت وظيفة المدير الفني للفريق خالية منذ استقالة سكوت دانكن في 1973 وشغلها سكرتير النادي والتر كريكمر بصفة مؤقتة. 

وبعد تسريحه من الجيش، تولي بازبي قيادة الفريق، كان ذلك بعد تدمير أولد ترافورد جراء قذفه بقنبلة مما أدى إلى تراكم الديون التي وصلت إلى 15 ألف جنيه استرليني. وأول من استعان به بازبي هو مساعده جيمي ميرفي الذي ظل مع مانشستر يونايتد حتى عام 1971. وقد كونا معاً فريقاً رائعاً لفترة ما بعد الحرب مستعينين بالمهارات الدفاعية لجوني كاري وجون أستون وألنبي تشيلتون، والمهارات الهجومية لتشارلي ميتن وجاك رولي وستان بيرسون. 

فاز نادي مانشستر يونايتد بكأس الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم في 1948 بعد تغلبه على منافسه بلاكبول 4-2. وبعد أن ظل يختتم الموسم في المركز الثاني أربع مرات في 1947-1949، استطاع رجال بازبي أخيرًا العودة إلى أولد ترافورد باللقب عام 1952. 

ولم يتسبب ذلك النجاح الباهر في تراخي بازبي وميرفي، بل كان لديهما بعد النظر الكاف ليبدآ في التخطيط للمرحلة القادمة التي سيحتاجان فيها إلى تغيير الفريق الأول. تم توسيع نظام البحث الخاص بالنادي وإعادة تنظيمه، وفي الخمسينيات أثمرت تلك السياسات الجديدة المعنية بالعناصر الشابة، وكانت النتيجة هي تصعيد جيف وايتفوت وجاكي بلانشفلاور وورجر بايرن للعب في الفريق الأول. وبحلول عام 1953 تمت عملية ضخ الدماء الجديدة في الفريق الأول بانضمام كل من بيل فولكس ومارك جونز ودايفد بيج وليام ويلان وأيدي كولمان ودانكان إداواردز إلى صفوف اللاعبين. وتألق الفريق بعد ذلك في مسابقات الدوري الإنجليزي حيث استطاع "لاعبو بيسبي" الفوز باللقب مرتين عامي 1956 و1957 على التوالي، والوصول إلى نهائي كأس الاتحاد الأوروبي في 1957. 

وظل بازبي متطلعًا للمستقبل متصدرًا الطريق أمام باقي النوادي الإنجليزية حينما شارك في بطولة كأس أوروبا للأندية لموسم 1956/57 معارضًا بذلك رغبة الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم. ووصل مانشستر يونايتد للدور قبل النهائي قبل أن يخسر أمام ريال مدريد الذي استطاع الفوز باللقب. 

وكان الموسم التالي: 1957/58 مفعمًا بالأمل حيث كان مانشستر يونايتد ينافس على المسابقات الثلاث في فبراير حينما تعرض للمأساة التاريخية. 

في 6 فبراير 1958 كان الفريق عائدًا إلى الوطن بعد إحدى مباريات بطولة كأس أوروبا ضد ريد ستار بلجراد، حينما تحطمت الطائرة التي كانت تقله بعد تزويدها بالوقود في ميونخ. وأسفر الحادث عن 23 قتيلاً من بينهم 8 من لاعبيبازبي وهم: جيوف بنت وروجر بايرن وإيدي كولمان ودنكان إدواردز ومارك جونز ودايفيد بيج وتومي تايلور وبيلي ويلان. كما لقى ثلاثة من إداريي الفريق مصرعهم وهم: السكرتير والتر كريكمر و المدرب توم كوري والمدرب العام بيرت والي. 

وكاد بازبي أن يفقد حياته هو الآخر، حيث كان يرقد بين الحياة والموت في مستشفى بألمانيا. ولحسن العظ كتبت له النجاة، وعاد لمانشستر بعد 71 يوماً. وفي هذه الأثناء تولى مساعده جيمي ميرفي – الذي لم يكن موجوداً على متن الطائرة بسبب ارتباطاته كمدير فني لمنتخب ويلز القومي- قيادة الفريق الجديد ببراعة حتى استطاع الوصول إلى نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي، لكن يونايتد خسر المباراة أمام بولتون واندررز في ويمبلي بهدفين نظيفين. 

وبعد أن استأنف بازبي مهمته كمدير فني للفريق في أغسطس 1958، بدأ في عمليات شراء عناصر جديدة للفريق. وفي أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات انضم للفريق كل من ألبرت كويكسال ونويل كانتويل ودينيس لو وبات كريراند. 

وتمكنت هذه المجموعة من اللاعبين من الوصول إلى نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي عام 1963 والتغلب على ليستر سيتي 3/1 ليحققوا أول لقب للنادي بعد حادثة ميونخ. 

ثم توالت بطولات الدوري في 1965 و1967 مما فتح الباب أمام بازبي لاكتساح أوروبا في المواسم التالية. ففي 1965/66 تمكن مانشستر يونايتد من الوصول إلى الأدوار نصف النهائية كما حدث في 1956/57 و1957/58. واستمر نجم الفريق في الصعود حتى لعبوا على النهائي في ملعب ويمبلي أمام بينفيكا البرتغالي. 

وفي ليلة أخرى مشحونة بالمشاعر، فاز مانشستر يونايتد 4-1 بعد أن لعب وقتاً إضافياً ليعود بازبي بطلا مُتوجا بكأس أوروبا. وقد أُهدي هذا الإنجاز الكبير لروح اللاعبين والجهاز الفني الذي قتلوا وأُصيبوا قبل 10 سنوات. وقد كان مانيشتير يونايتد على وشك الاحتفاظ بالكأس قبل أن ينهزم أمام نادي إيه سي ميلان في مباراة الدور قبل النهائي لموسم 1968/1969. 

ومع نهاية موسم68-69 تقاعد ببازبي، ولكنه ظل المدير العام للفريق، حتى مع تولي ويلف ماكجينس مهام متابعة إدارة الفريق بصفة يومية. وظل الأمر هكذا لمدة عام أو يزيد – وفي 28 ديسمبر 1970 طلب المسؤولون في النادي من بازبيالعودة إلى وظيفته السابقة بدلاً من ماكجينس حتى نهاية الموسم. 

وتقديرًا لجهود بازبي، تم منحه وسام القائد من الإمبراطورية البريطانية في 1958. وفي 1967 تم منحه لقب "فريمان" من البرلمان البريطاني ليكون رقم 66 الذي يحصل على هذا اللقب، وتعني الرجل الحر (وهو أن يتمتع المواطن حامل اللقب بحقوق أكثر للإدلاء بصوته في الانتخابات حتى وإن لم يكن من سكان المدينة أو المقاطعة). وفاز بازبي في عام 1968 بلقب أفضل مدير فني لهذا العام وتم منحه وسام الفارس بعد فوزه بكأس أوروبا. 

وفي عام 1972 قام البابا بتنصيبه قائد فرسان سانت جورجي ليٌلقب بالسير ماتيو بازبي. ثم أصبح رئيسًا لنادي مانشستر يونايتد في 1980، وانتُخب كنائب رئيس اتحاد الكرة في 1982. وفي 1993 تم إطلاق اسمه على طريق وارويك الشمالي الذي يوجد به ملعب أولد ترافورد ليُصبح اسمه "طريق سير مات بازبي" تكريما للرجل الذي عرف باسم "مستر مانشستر يونايتد". 

وبجانب إدارته لفريق مانشستر يونايتد، قام بازبي كذلك بتدريب فريق كرة القدم الأوليمبي البريطاني واستطاع أن يصل به إلى الدور قبل النهائي في دورة الألعاب الأوليمبية عام 1948. وفي 1958 تولي إدارة منتخب اسكتلندا ليقدم اللاعب دينيس لو لأول مرة وكان عمره آنذاك 18 عاماً. 

مات السير ماتيو بازبي في 20 يناير 1994 في مستشفى ألكساندرا بتشيدل بعد فترة مرض قصيرة. وقد احتشد الآلاف من محبيه في شوارع مانشستر لحضور جنازته، حيث تم نقل جثمانه من تشارلتون إلى أولد ترافورد ثم إلى المقابر الجنوبية في مانشستر. قامت العديد من الأندية والأفراد والمحبين لسير ماتيو من حول العالم بإرسال مشاركاتهم من القمصان والأكاليل والصور والأوشحة في حفل ذكراه المبهر. 

وقد أُزيح الستار عن تمثال من البورنز لسير ماتيو في 27 أبريل 1996 بجوار لوحة النتائج في ملعب أولد ترافورد حتى يتذكر محبو مانشستر يونايتد دائماً الرجل الذي يجسد أمجاد النادي العريق. 

وبعد موت بازبي بخمس سنوات سار الفريق على نفس خطاه واستطاع الفوز بكأس أوروبا، والغريب في الأمر أن تاريخ هذا الانتصار 26 مايو 1999 كان يوافق عيد الميلاد التسعين لمات.