نعي: السير بوبي تشارلتون (1937-2023)
بقلوب حزينة نعلن وفاة السير بوبي تشارلتون، البالغ من العمر 86 عامًا، أحد العظماء الحقيقيين في تاريخ مانشستر يونايتد وكرة القدم الإنجليزية.
لقد كان السير بوبي بطلاً للصغار والكبار على حد سواء ولن يتوقف الحزن على وفاته في مانشستر والمملكة المتحدة بل سيمتد لجميع عشاق ومحبي كرة القدم حول العالم.
من العدل أن نقول إن كلمة "بوبي تشارلتون" كانت لعقود من الزمن من أكثر الكلمات الإنجليزية استخدامًا على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم، إذ كانت شهرته تتجاوز حيز كرة القدم.
لا أحد يجسد قيم مانشستر يونايتد أفضل من السير بوبي تشارلتون.
بعد أن نجا من صدمة كارثة ميونخ الجوية عندما كان عمره 20 عامًا فقط، تعافى من إصاباته ليصل إلى القمة مع ناديه ومنتخب بلاده. خلال مسيرته الكروية التي استمرت 17 عامًا مع الشياطين الحمر، لعب 758 مباراة وسجل 249 هدفًا، وكلاهما كان رقمًا قياسيًا طويل الأمد حتى كسر رايان جيجز في عام 2008 وواين روني في عام 2017 رقميه على التوالي.
كان تشارلتون الشاب، وهو ابن شقيق مهاجم نيوكاسل يونايتد العظيم جاكي ميلبورن، مرغوبًا للغاية من قبل الأندية في جميع أنحاء البلاد، وانضم إلى مانشستر يونايتد بقيادة مات باسبي بينما كان لا يزال تلميذًا في عام 1953 وأصبح محترفًا مع النادي في أكتوبر 1954.
بعد فوزه بكأس الاتحاد الإنجليزي للشباب أعوام 1954، 1955 و1956، ظهر للمرة الأولى مع الفريق الأول في 6 أكتوبر 1956، ضد تشارلتون أثليتيك في أولد ترافورد، وكان للشاب تأثير فوري بعد أن سجل هدفين في فوز الشياطين الحمر بنتيجة 4-2 في الدوري، على الرغم من تعرضه للإصابة.
ويتذكر السير بوبي هذه اللحظات التاريخية قائلًا "سألني السير باسبي إذا كنت بخير، في الواقع كنت أعاني من التواء في الكاحل ولكنني لم أرد أن أعترف بذلك فأشرت بإصبعي وقلت له أنني بخير".
على الرغم من تألقه إلا أن تشارلتون لم ينجح في حجز مقعد أساسي في الفريق حتى المراحل الأخيرة من موسم 1956/57 الذي سجل فيه 10 أهداف وقاد كتيبة باسبي للفوز بلقب الدوري الخامس في تاريخ النادي. كانت المنافسة على المركز الأساسي على أشدها، لكن تسجيل ثلاثية في مرمى بولتون واندررز خلال الموسم التالي ساعده بالتأكيد، وجعل باسبي يدرك أنه من الصعب جدًا استبعاد المهاجم الشاب القوي.
في فبراير 1958، سجل تشارلتون هدفين في مباراة يونايتد التي انتهت بالتعادل 3-3 أمام ريد ستار بلغراد ليضمن الفريق مكانًا في الدور نصف النهائي من كأس أوروبا.
ووقعت الكارثة عند عودتهم، عندما تحطمت الطائرة التي كانت تقل الفريق للعودة إلى الديار عند التزود بالوقود في ميونخ ولقي! 23 شخصًا، من بينهم ثمانية من زملائه، حتفهم، وكان تشارلتون من بين الجرحى. ومع ذلك، كانت جروحه طفيفة نسبيًا وعاد إلى الملاعب في غضون شهر، وساعد الشياطين الحمر في النهاية على الوصول إلى نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي، صحيح أن يونايتد خسر بنتيجة 2-0 أمام بولتون واندررز في ويمبلي، لكن تشارلتون وزملائه عادوا في عام 1963 ليفوزوا بنفس الكأس بفوزهم على ليستر سيتي.
أثبت الدولي الإنجليزي أنه جزء لا يتجزأ من عملية إعادة بناء يونايتد بعد ميونخ، وتكونت بعد ذلك ثلاثيته الشهيرة مع ينيس لو وجورج بيست، حيث لعب تشارلتون دور المهاجم الصريح ولعب من خلاله دورًا حيويًا في فوز كتيبة باسبي بلقب الدوري في عامي 1965 و1967.
قبل وقت قصير من نهائيات كأس العالم 1966، حصل تشارلتون على لقب أفضل لاعب في العام من رابطة كتاب كرة القدم وأفضل لاعب كرة قدم في أوروبا في تتابع سريع. واستمر في لعب دور البطولة حين فازت كتيبة المدرب ألف رامسي بالمونديال وسجل هدفين في فوز نصف النهائي على البرتغال. إجمالًا، خاض تشارلتون 106 مباراة دولية - ثلاث منها كقائد - وكان عدد أهدافه البالغ 49 هدفًا بمثابة رقم قياسي لإنجلترا من مايو 1970 حتى سبتمبر 2015 عندما كسر واين روني الرقم القياسي بهدفه الخمسين.
على الرغم من أن الفوز بكأس العالم يعتبر قمة الإنجاز في كرة القدم، إلا أن أفضل لحظات تشارلتون على مستوى الأندية جاءت في مايو 1968 عندما قاد يونايتد للفوز بكأس أوروبا في ويمبلي. لقد سجل هدفين في الفوز النهائي 4-1 على بنفيكا، لكنه غاب عن احتفالات ما بعد المباراة، وبدلاً من ذلك أحيا ذكرى لأصدقائه الذين فقدهم في مأساة ميونخ قبل 10 سنوات.
واصل القائد إمتاع جماهير يونايتد كجزء من فريق يونايتد ترينيتي الشهير قبل اعتزاله في عام 1973 ثم أمضى عامين كمدرب ولاعب في بريستون نورث إند قبل أن يستقيل في أغسطس 1975، ولعب بوبي لفترة وجيزة مع نادي وترفورد في جمهورية أيرلندا في عام 1976 قبل قبول منصب في مجلس إدارة ويجان أثليتيك، كما تولى منصب المدرب المؤقت خلال موسم 1982/83.
في يونيو 1984، أصبح تشارلتون مديرًا لمانشستر يونايتد، وبعد عشر سنوات، حصل على لقب فارس، بعد أن حصل سابقًا على وسام الإمبراطورية البريطانية (OBE) و (CBE).
كان السير بوبي تشارلتون، سفيرًا محترمًا لناديه وكرة القدم الإنجليزية وكرة القدم في جميع أنحاء العالم، شخصية موقرة وكان بمثابة حلقة وصل مع ماضي النادي وحاضره ومستقبله. كان عمله الخيري جزءًا مهمًا من الحياة أيضًا، من خلال مؤسسته الخيرية Find A Better Way المخصصة لمعالجة التأثير الرهيب للألغام الأرضية في البلدان التي مزقتها الحروب، والتي أعيدت تسميتها مؤخرًا بمؤسسة السير بوبي تشارلتون.
في سنواته الأخيرة، نادرًا ما غاب عن التواجد في أولد ترافورد جنبًا إلى جنب مع زوجته السيدة نورما، وظل يتمتع بشعبية كبيرة بين الجماهير كما كان الحال في الأيام التي كانت فيها تسديداته الدقيقة والقوية بشكل لا يصدق تنتج العديد من الأهداف الرائعة والمذهلة.
في نوفمبر 2020، تم الكشف عن تشخيص إصابة السير بوبي بالخرف، وأصدر النادي بيانًا في هذا الصدد قال فيه "يشعر الجميع في مانشستر يونايتد بالحزن لأن هذا المرض الرهيب أصاب السير بوبي تشارلتون، ونحن نواصل تقديم حبنا ودعمنا للسير بوبي وعائلته".
لا يزال إرث السير بوبي حيًا في أولد ترافورد، على شكل تمثال يونايتد ترينيتي الذي يتقاسمه مع زملائه الأسطوريين في الفريق دينيس لو وجورج بيست، ومدرج السير بوبي تشارلتون، المدرج الجنوبي للملعب الذي أعيدت تسميته تكريمًا له في أبريل 2016.
يتقدم النادي بخالص التعازي للسيدة نورما وجميع أفراد وأصدقاء عائلة تشارلتون في هذا الوقت الحزين للغاية. طالما أن كرة القدم تُلعب، فلن يُنسى السير بوبي تشارلتون أبدًا.