السير

سر اليوم الذي لا يتذكره السير أليكس فيرجسون!

الأحد ١٤ نوفمبر ٢٠٢١ ١٧:٢١

جلس الرجل بهيئته الوقورة المعتادة وبكامل هيبته ومهابته في استعداد أن تبدأ المقابلة.

أخبره المضيف أن المقابلة سوف تبدأ باختبار بسيط؟؟ "اختبار بسيط لذاكرتك".
ضحك الاسكتلندي العجوز قائلًا "اختبار!، لذاكرتي". ثم أجاب بالموافقة وشرد بذهنه قليلًا.
بدأ المضيف في الأسئلة والتي قد تبدو صعبة على رجل بلغ من السن 79 عامًا، ولكنه ليس آي رجل إنه الأسطورة الحية، السير أليكس فيرجسون

بدأ المضيف في الأسئلة، الذي هو بالمناسبة جيسون فيرجسون الأبن الأكبر لفيرجي، وكانت كالتالي، ما أسم الشارع الذي يطل على المنزل الذي ولدت فيه؟
ما هو تاريخ زواجك؟
من اللاعب الذي أحرز أول هدف ليونايتد عندما توليت قيادة الفريق؟
ما هي تواريخ ميلاد أولادك الثلاثة؟
ما هو أسم وكيل السفر الخاص بك عندما كنت مدربًا لفريق أبردين؟
كل هذه الأسئلة المتنوعة من أعوام مختلفة، أجاب عنها فيرجسون بكل دقة وثقة ودون عناء في التذكر - إلا سؤال واحد فقط توقف أمامه وأجاب بكلمتين فقط، "لا شيء" .
ما الذي تتذكره عن يوم السبت، الخامس من مايو عام ٢٠١٨؟
"لا شيء"، هكذا أجاب الرجل الذي خلق من فريق الشياطين الحمر معجزة كروية. 


 

يتذكر جيسون هذا اليوم، عندما اتصل بالإسعاف بعد أن سقط والده فجأة، وبعد أن تم نقله للمشفى واسعافه ونجح الأطباء في جعله يستعيد وعيه، أخبر الطبيب السير بالخبر الذي جعله يرتعب، يمكن للمرة الأولى في حياته. لقد أصيب بنزيف في المخ ويجب أن يتم نقله لمشفى آخر وإجراء عملية جراحية خطرة.
أكثر ما سبب القلق لفيرجسون في وقتها هو أثمن ما يملك، ذاكرته. جلس المدرب ووقع رأسه بين كفيه وأخذ يردد أكثر من مرة "أتمني ألا يصيب ذاكرتي مكروه".
ثم أخذ يردد على مسامع من حوله مجموعة من القصص من حياته، مجموعة قصص غير مترابطة وعشوائية ولكن منذ فترة طويلة! لماذا فعل ذلك؟ إنها روح المقاتل بداخله ترفض أن تتعرض ذاكرته الثمينة المليئة بالنجاح المهني والشخصي للضرر.
رغم خطورة الموقف، إلا أن إصرار السير على الحفاظ على هويته ومن هو، وقفت أمام إمكانية نجاته من تلك الجراحة حيث بلغت إحتمالية وفاته نسبة الـ 80%.
بل في ذلك اليوم في المشفى، كان هناك خمس حالات لنزيف في المخ، توفي منها ثلاث ونجي إثنان كان السير واحدًا منهما.


أجرى فيرجسون الجراحة، وفقد صوته بعد الجراحة وهو أمر تسبب له في القلق مما جعله يبكي بشدة وهنا نصحه الأطباء بفعل شيء واحد الكتابة، فبدأ فيرجسون في الكتابة والتدوين كما لو كان يكتب ورقة تعليمات لمساعديه على دكة الفريق، كتب أسماء أفراد أسرته وأصدقائه ولاعبيه والأهم أنه كان يكتب لنفسه كلمة مهمة دومًا "تذكر" حتى لا يفقد ذاكرته. 


بعد شهرين من الجراحة، تعافى أليكس وعاد إلى منزله وكل ما سبق لا يتذكر منه آي شيء وعند سؤاله عما يتذكره مما حدث أجاب: "لا أتذكر سوى السقوط، أعتقد أن هذا هو الموت، لقد اختبرت هذا. لا أتذكر أي شيء عن المشفى وعن الجراحة، اللحظات التي تكون فيها وحيدًا تشعر بالقلق والخوف، وأنا لا أريد الموت، كنت سأموت - ولكني لم أكن أريد ذلك".
في الخامس من مايو عام 2018، كاد فيرجسون أن يفقد حياته ولكنه رفض أن يستسلم وقاتل واستعاد وعيه ولياقته الصحية والنفسية والذهنية ، قاتل حتى اللحظة الآخيرة كما كان يفعل في المباريات مع يونايتد، قد يكون هذا هو أفضل تعبير عن مصطلح “Fergie Time” أو توقيت فيرجسون الذي طالما نجح يونايتد في التسجيل فيه بعد الدقيقة 90 وحقق الانتصارات والألقاب، هذه المرة فاز أليكس بحياته في الوقت الضائع وتمكن من العودة بروح قتالية للحياة الطبيعية وسط اسرته الصغيرة في المنزل وأسرته الكبيرة في أولد ترافورد. وهي نفس الروح التي زرعها داخل مانشستر يونايتد طوال مسيرته الطويلة مع النادي، مسيرة حقق خلالها الكثير وصنع المجد ويتذكر كل لحظة من تلك اللحظات بدقة - إلا تاريخ واحد في حياته لا يتذكره السير هو اليوم الذي سقط فيه 5-5-2018.

موصى به: